تُعدُّ قصة يوسف في القرآن الكريم من أعظم نماذج قصص المرسلين، وفيها عبرة لمن يعقل، وقد وردت القصة في القرآن الكريم في سورة كاملة، لما فيها من الحكمة البالغة لله سبحانه وتعالى في كل أمر، وذُكر اسم يوسف عليه السلام في القرآن الكريم ستاً وعشرين مرة، منها أربعاً وعشرين في سورة يوسف.
قصة يوسف عليه السلام مختصرة:
وفيما يلي أهم أحداث قصة سيدنا يوسف –عليه السلام–:
1. نسب ومكانة يوسف عليه السلام:
يُعد يوسف عليه السلام من أنبياء بني إسرائيل، الذين بعثهم الله لقومهم ليدعوهم إلى الهدى والتوحيد، وهو ابن النبي يعقوب –عليه السلام– ومن عائلة شرفها الله بالنبوة والرسالة.
2. مولد يوسف عليه السلام:
● كان مولد سيدنا يوسف عليه السلام في الأرض المقدسة.
● وقد ظل يوسف في مصر، وكان قلبه متعلقًا بالأرض المقدسة، وقيل انه دفن هناك في البلدة القديمة في نابلس وأن ذلك ما قد أوصى به.
3. رؤيا يوسف عليه السلام:
قد بدأت قصته مع الرؤيا التي رآها في منامه، فقد رأى أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر له ساجدين، وقد قص هذه الرؤية على أبيه يعقوب –عليه السلام – وأمره أن يكتمها عن إخوته حتى لا يدبرون له الشر والمكيدة.
4. نشأة يوسف عليه السلام بين حب الأب وحقد الأخوة:
● نشأ يوسف في بيت أبيه يتنعم بمحبته، وعطفه وحنانه.
● اتصف يوسف منذ صغره بمكارم الأخلاق، وأحبه والده، وتعلق به قلبه من بين إخوته.
● والرؤية التي رآها زادت من قدره عند أبيه، وقد علم أبوه أنها دلالة على أنه سيكون من الأنبياء الصالحين ذوي الشأن العظيم في الدنيا والآخرة.
● طلب أبوه منه ألا يقص تلك الرؤيا على اخوته؛ لأن الشيطان يتربص بالناس، وسيجعل بينهم العداوة والبغضاء.
● ولم يقدر يعقوب على إخفاء فرحته بـ ابنه الذي بدت عليه ملامح النبوة، فأشعل الشيطان نيران الحقد والحسد في قلوب إخوته.
مكر الاخوة بأخيهم الصغير:
● اجتمع الأخوة ليخططوا "كيف يتخلصون من هذا الطفل" الذي استحوذ على قلب أبيه، حتى أجمعوا على أن يلقوه في بئر عميق.
● طلبوا من أبيهم أن يخرجوا، ويأخذوا يوسف، ثم ذهبوا به، وأنزله في بئر عميق، ولطخوا قميصه بـ دماء كذبة، ليقنعوا يعقوب أن ابنه قد أكله الذئب
5. الله غالب على أمره:
● ترك الإخوة الحاقدين أخوهم في ظلمات البئر ظانين أنهم قد تخلصوا من أخوهم، وأنساهم الشيطان قدرة الله، وحكمته.
● مر بعض الرجال، ووقفوا عند البئر للسقاية، فوجدوا ذلك الصبي الصغير، وأخذوه ثم باعوه بثمن قليل، لعزيز مصر الذي أكرم معاملته وأحسن إليه.
● استقر يوسف في بيت هذا الرجل حتى أصبح فتيًا بهيًا يتمتع بحُسن الخَلق والخُلق، وخلال تلك السنوات أحسن الله إليه بأن أنعم عليه بالنبوة والحكمة وعلمه تفسير الرؤى والأحلام.
6. فتنة امرأة العزيز:
● حاولت امرأة العزيز فتنة يوسف وأرادت أن توقعه في الفاحشة، فـ راودته عن نفسه.
● لكنّ تذكر يوسف –عليه السلام– الله –سبحانه وتعالى– وتذكّر فضل العزيز عليه وقال:
(مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ).
● اعتبر ما تريده امرأة العزيز، هو خيانة وظلمًا لنفسه أو للعزيز الذي أكرمه وآواه في بيته، فاستعاذ بالله من ذلك ولجأ إلى الله ليحصن وهرب منها.
● وأمسكت بقميصه من الخلف فانشق في يدها، قال –تعالى–:
(وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ)
ثم ظهر زوجها، فاتهمت يوسف بأنه هو الذي حاول أن يغويها.
7. مكر امرأة العزيز:
● بدأ الحديث حول إغواء امرأة العزيز ليوسف، يتردد بين نسوة المدينة، وحين سمعت امرأة العزيز بما يدور بينهن، قررت دعوتهم إليها، ثم طلبت من يوسف أن يخرج عليهن، وحين ظهر لم يصدقن أعينهنّ من جماله، ولم يصدّقن أنّ هذا بشر وإنما هو ملاك.
● وبقيت تعتذر عمّا فعلته من مراودة يوسف –عليه السلام– عن نفسه، وبينت لهم أن جماله هو سبب فتنتها، وحين رأى يوسف –عليه السلام– ذلك دعا الله –تعالى– قائلاً:
(قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ)
ولكن تم سجن يوسف لموقفه العفيف.
8. يوسف عليه السلام أمينًا على خزائن مصر:
● وبعد مرور سنوات تحققت رؤية يوسف، وتولى الاشراف على خزائن الأرض وأصبح عزيز مصر، وكانت الخزائن تمتلئ بالخيرات رغم جفاف الأرض.
● حين جاءت الوفود من مختلف البلاد، كان يوجد بينهم وفدًا ليس غريبًا، وهو إخوة يوسف وعرفهم يوسف ولكنهم لم يعرفوه، وطلبوا منه أن يعطيهم غلال فوق عددهم، لأن لديهم أخ آخر لا يتركه أبوهم يسافر معهم.
● طلب منهم أن يأتوا بأخيهم معهم المرة القادمة، لكنهم بينوا أن أبوه لن يتركه لهم، وأمر رجاله أن يضعوا لهم ما جاءوا به لمبادلته؛ حتى يرجعون مرة أخرى بأخيهم لأخذ ما يريدون.
● حاولوا مع أبيهم حتى وافق أن يسافر أخوهم، وتعهدوا له بحفظ سلامة أخيهم، وتحقق ليوسف ما رغب به، وجاء أخيه معهم الذي كان يحبه، ودبر لمجيء أبيه بأن أمر رجال القصر أن يضع مكيال الغلال في رحل أخيه حتى يمنعه من العودة معهم، وحاولوا أن يأخذوه ولكن يوسف أبى، وعندما وقع هذا الخبر على أبيهم فقد بصره.
● ثم عاد الأخوة إلى يوسف وأعلمه ما أصاب أباهم، فـ رق قلبه لأبيه، وعرفهم بنفسه وأعطاهم قميصه؛ ليغطوا به وجه أبيهم ليرتد بصره.
9. تحقق رؤيا يوسف عليه السلام:
● دخل الأبناء على أبيهم وألقوا بقميص يوسف على وجهه فـ ارتد بصره، ومن ثم غادر يعقوب إلى مصر ليرى ابنه، وعندما وصل دخل إلى يوسف وهو جالس في مجلسه، وأجلس أبويه بجانبه، وسجد الإخوة تعظيمًا لحكم الله، الذي ينعم على من يشاء من عباده.
● وذكر يوسف عليه السلام أن هذا هو تأويل رؤيته التي قصها على أبيه، وهو صغير، وحمد ربه على ما أنعم عليه من النبوة والحكمة والنجاة.
لماذا غابت أم يوسف عليه السلام عن قصته في القرآن؟
ذكر أهل التفسير أن أم يوسف عليه السلام تدعى "راحيل" وقد توفيت وهو صغير، ولذلك لم تذكر في القصة.
كم المدة التي قضاها يوسف بعيدا عن أبيه؟
ورد عن الحسن: ألقي يوسف في الجب وهو 17 سنة، وغاب عن أبيه 80 سنة، وعاش بعد ذلك 23 سنة حتى وهو ابن 120 سنة.
لماذا لم تتكرر قصة يوسف عليه السلام في القرآن؟
ذُكرت قصة يوسف مرة واحدة في القرآن لأن الذين عادوا يوسف، عادوه عداوة دنيوية، ليست على الدين، وذلك وفقًا لما قاله ابن تيمية.
فوائد قصة سيدنا يوسف عليه السلام:
ومن هذه الفوائد والعبر لقصة سيدنا يوسف عليه السلام التالي:
- المساواة بين الأبناء؛ حتى لا نزرع مشاعر الغيرة بينهم.
- الثبات على الحق مهما كلفنا الأمر.
- الابتعاد عن مواضع الشبهات والفتن.
- أهمية الدعاء والرجوع إلى الله والاستغفار على الآثام والتوبة عنها.