تُعد رواية الغريب هي أول نتاج أدبي للكاتب الفرنسي القدير "ألبير كامو" فـ هي أحد أشهر الروايات العالمية، وصدرت هذه الرواية باللغة الفرنسية عام 1942م ، ولم تتم ترجمتها إلى اللغة العربية إلا عام 1990م، ويمكن تلخيص رواية الغريب بأنها تصف فلسفة "كامو" في: التمرد والعبثية، وهو الطابع الذي غلب على كتاباته بشكل كبير، فـ قام بتلخيص نظرة الإنسان العبثي والباحث عن هدفٍ للحياة بها، وتحكي هذه الرواية قصة شاب يُدعى "ميرسو" قد تحرَّر من كل المشاعر الإنسانية واتبع مبادئه الخاصة به التي صاغها بنفسه حتى أوصلته في النهاية إلى الإعدام.
تلخيص رواية الغريب:
تنتمي رواية الغريب إلى المذهب العبثي في الأدب، وقد تطورت الأحداث الهامة في هذه الرواية على النحو التالي:
1. موت والدة ميرسو:
● بدأت هذه الرواية، حين تلقى "ميرسو" خبر وفاة والدته، برسالة من دار المسنين، التي كان قد أرسلها إليها، لعدم قدرته على رعايتها، أو التكفل بها.
● بعد تلقي خبر الوفاة قال "ميرسو" إحدى الجمل المؤثرة: "اليوم ماتت أمي أو ربما أمس".
● ثم طلب من مديره في العمل إجازة، ليذهب إلى دار المسنين، ويقوم بدفن أمه ولم يفكر في أمه طوال الطريق، بل قضى وقته نائمًا أثناء رحلته إلى العودة.
● شعر أن وقوفه بلا معنى، حين وقف أمام جثمان والدته، بعدما وصل إلى الدار.
● قضى الليل بأكمله بجوار جثمان والدته، غارقًا في أفكاره وفي التدخين، فقد بدا على أصدقاء والدته الألم والتأثر أكثر من أبنها.
● وبعد ذلك، شارك "ميرسو" في دفن والدته، وغادر مُسرعًا، وذهب إلى السينما مع صديقته.
2. التحوّل إلى قاتل:
● لم يكن "ميرسو" شريرًا أو قاتلًا، بل كان موظفًا عاديًا يعمل، يأكل، ويقابل صديقته.
● ذات يوم، دعاه صديقه "ريمون" لقضاء وقتٍ على الشاطئ، وعلم حينها بنية الشر لدى صديقه تجاه الرجل الذي قد ضرب حبيبته.
● حاول "ميرسو" قدر المستطاع أن يمنعه، وقد أخذ المسدس منه.
● قابل "ميرسو" الرجل الذي كان صديقه ينوي قت#له، وتصرف الرجل بشكل لا إرادي عندما أخرج السكين من جيبه، ولكن سقط ضوء الشمس عليها، وانعكس على عيني "ميرسو" فأثار انزعاجه.
● ثم بعد ذلك أطلق "ميرسو" رصاصة من مسدسه تجاه هذا الرجل، فسقط قتيلًا.
3. محاكمة ميرسو:
● اتُهم بالقت#ل، وكان يدافع عن نفسه بأجوبة غير مقنعة مثل: "ان الأمر جاء بالصدفة، وأنه لم يتعمد بفعل ذلك".
● ظل يستجوبه "القاضي" مرة بعد مرة، مما اضطره إلى استدعاء الشهود، الذين قد اختلفت آرائهم تجاهه.
● كانت تنصب أقوال الشهود على موقفه يوم وفاة والدته، فـ هو لم يبكِ، وغادر مبكرًا، ولم يكن يعلم عنها أي شيء.
● تسلل الشعور بالذنب إلى "ميرسو"، وأخذ يفكر هل هو يُحاكم بسبب القت#ل، أم بسبب عدم حزنه على والدته.
● لم يفيد الندم، فقد حكم عليه بالإعدام، ولكن الاعدام لم يصل قبل أن يعيد التفكير في حياته، ولا يسمح إلى اللامبالاة بتملكه.
من مؤلف رواية الغريب؟
هو الكاتب الفرنسي "لبير كامو" فـ هو أحد أشهر الكتاب الفرنسيين الجزائريين، وكان مولده أثناء الاستعمار الفرنسي لدولة الجزائر في السابع من شهر نوفمبر عام 1913م، في منطقة تسمى "مودافي" في الجزائر، وينتمي كامو إلى عائلة فقيرة الحال، وقد توفى والده أثناء الحرب العالمية الأولى، لذلك كان يعيش مع أخيه الأكبر، ووالدته -التي كانت مصابة بالصمم الجزئي-، في أحد المناطق التي يعيش بها محدودي الدخل، وكانت تعمل والدته في خدمة البيوت باليومية، ورغم تلك المعوقات، كان "كامو" طالبًا ممتازًا في مدرسته، لذلك لفت نظر معلميه إليه، والتحق بجامعة الجزائر ليدرس الفلسفة، وقد حصل على الدراسات العليا فيها.
وقد كتب "كامو" هذه الرواية لتكون من ضمن المؤلفات التي تصف شخصيته، فلا يستطيع ايجاد هدف حقيقي في حياتها، وكان يشعر دائمًا بعدم الانتماء لمجتمعه، ويعيشون في عزلة نفسية وأخلاقية.
عن ماذا تتحدث رواية الغريب؟
تتحدث رواية الغريب عن طبيعة الإنسان المتمرد والعبثي، كما يدور التساؤل الرئيسي في الرواية حول ماهية الحياة التي يحكمها اللامعنى، واللامبالاة، وتلك الحياة هي التي تحدد معنى الحياة من خلالها بالنسبة للكاتب، وهي ذاتها التي لا يجب أن نمنحها أكثر مما تستحق.
المغزى من رواية الغريب:
ويتمثل مغزى الرواية في:
● عدم الاهتمام بمشاعرنا تجاه "مورسو" بل الاهتمام برؤيتنا له، هل هو غريب؟، مختلف بتميز؟ أم هو مخبول؟
● ويمكننا أن نرى كل ما فعله "مورسو"، ويمكننا أن نفهم أفعاله، ولكن المهم هو أن ندرك أن "مورسو" قد تم تركه لحكمنا عليه، وقد أدت غرابته إلى أن دفع الثمن لاحقًا.
ما هي مواقف الغريب السياسية؟
فـ كان موقفه السياسي، يتجه ضدَّ الاستعمار حيث:
● فالتحق أولًا بالحزب الشيوعي.
● والتحق ثانيًا بـ حزب الشعب الجزائريّْ.
وكان من أبرز المدافعين عن الحقوق الفردية الانسانية، فقد دافع عن حق الجزائريين أثناء دخول وممارسة عالم السياسة، وقد تعلق اسمه باللاسلطوية الفرنسية، كما كانت له عدة مواقف مشهورة بعد ذلك، في أثناء الحرب العالمية الثانية؛ فـ وقف ضد الن#ازيين، كما هدد بقصف "هيروشيما وناغازاكي"، ثم تحول إلى ناقد حاد إلى النظرة الشيوعية، وهذا ما نتج عنه اختلافًا وشقاقاً بينه وبين غيره من معظم الأدباء والفلاسفة في عصره.
إلى أي حد وصل اللاشعور، واللامبالاة لدى "ميرسو"؟
قد اعتبر "ميرسو" الموت والحياة على حد السواء، وبالتالي لم يشعر أبًدا بقيمة هذه الحياة، وظهرت لامبالاته بشدة أثناء قت#له للعربي ـ خصم صديقه ريمون ـ لأن الشمس قد أزعجته، وأثارت غضبه- بكل برودة أعصاب، لامست يده المسدس، ثم أطلق خمس طلقات عبر عنها بقوله: (كان الأمر أشبه بطَرَقات خفيفة أطلقها على باب الشقاء).
ما هو مفهوم العبثية؟
هناك عدة اختلافات حول هذا المصطلح؛
● فـ هناك من يصفه: وفقًا النظرية الفلسفية القائلة بأن الوجود بشكل عام أمر سخيف، وهذا يدل على افتقار العالم إلى المعنى أو الهدف الأسمى، وغير مفهوم عن طريق العقل.
● وله معنى آخر في سياق الفلسفة العبثية وهو الأقرب: إشارته إلى صراع أو مناقضة بين شيئين.
العبثية في رواية الغريب:
ظهرت في تفاصيل صغيرة أثناء شهد دفن أمه، منها:
● حينما سأله الحارس عن عمر والدته، وأجابه بأنه لا يعرف.
● عندما خرج مع صديقته في يوم الدفن ذاته، بملابس العزاء، وسألته عن الملابس، أجابه بأنه لا يتذكر ما أن قام بدفن والدته اليوم أم بالأمس.
اقتباسات من رواية الغريب:
تتضمَّن الرواية بعض العبارات الفلسفية، التي منها:
● "الجميع يعرفون أنَّ الحياة ليست جديرة بأن تعاش، ولم أكن أجهل في الحقيقة أنَّ الموت في الثلاثين أو في السبعين سيَّان".
● ماذا يهم؟ ما فائدة الحب، الصداقة؟ ماذا لَو مُتّ؟ هل سآتي إلى هذه الدنيا من جديد كأبلهٍ آخر؟ أم أن خبراتي ستظل قائمة لِيستفيد منها جديدي؟