قصة الرسول مع أهل الطائف

قصة الرسول مع أهل الطائف

قصة الرسول مع أهل الطائف
يوجد مواقف كثيرة للرسول الكريم، تظهر من خلالها حرصه المستمر على نشر الدعوة الإسلامية في جميع المناطق، بغض النظر عما يتعرض له من أذى، وهذا ما حدث معه أثناء رحلته إلى الطائف، فقد أخذ يدعو أهلها إلى دعوة الحق وإلى الإسلام، ولكنه لم يجد منهم سوى الإنكار والتكذيب، وبالرغم من هذا فإن قصته معهم تحمل عظات وعبر عديدة نستفيد منها جميعاً.


قصة الرسول مع أهل الطائف:

مات عم الرسول "أبو طالب" فحزن الرسول حزناً كبيراً، حيث فقد سنده الذي كان يحميه ويقف بجانبه بالرغم من كفره، ثم تضاعفت همومه بوفاة السيدة خديجة، حيث ضاع منه الأمن الداخلي والخارجي في نفس الوقت، وقد استغلت قريش موت "أبو طالب" وزادت من إيذائها للنبي، وكان أكثر الناس إيذاءاً للرسول "أبو جهل" الذي كان يُلاحقه ويقذفه بالحجارة ويصفه بالكذاب، وضاقت مكة على الرسول واشتد به الحال، فقرر أن يتخذ طريق آخر في الدعوة وهو أن يُغير مكان الدعوة، لعله يجد من يؤمن به، فقرر الذهاب إلى الطائف وكان هذا في السنة العاشرة من البعثة في شهر شوال، وتتمثل قصة الرسول مع أهل الطائف في مجموعة من النقاط كالتالي:

● خرج الرسول سيراً على أقدامه حتى تتأكد قريش من أنه لا ينوي الخروج من مكة وتمنعه، وكان متأملاً أن تكون الطائف أرض إسلام وخير، واصطحب معه ابنه بالتبني ومولاه "زيد بن ثابت".

● بدأ بدعوة سادات القوم من قبيلة ثقيف إلى الإسلام، ولكنهم كذّبوه وأمروه بالخروج من بلادهم، ولم يكتفوا بهذا بل أغروا عبيدهم وسفهاءهم لكي يُلقوه بالحجارة فأُصيب الرسول في قدميه الشريفتين حتى سالت الدماء منهما، وحاول زيد أن يدفع الأذى عن النبي ولكنه أُصيب في رأسه.

● ومع استمرار أهل الطائف في تعذيب الرسول، لجأ إلى بستان يعود لشيبة وعتبة ابني ربيعة وهما من سادات الطائف، ثم جلس يلتمس الأمان والراحة في ظل شجرة من أشجار البستان.

● وتحركت العاطفة في أصحاب هذا البستان، وصرفوا عنهم هؤلاء السفهاء وأرسلوا إليه أحد الغلمان لكي يخدمه.

● ولم يلبث الرسول في هذا البستان وقت طويل لعداوة أصحابه له، فقد كانوا ينظرون إليه نظرة الفرح والسعادة والشماتة بما حدث معه.

● رجع الرسول مرة أخرى إلى مكة، لكي يستأنف خطته في تبليغ رسالته للوفود والقبائل.


لماذا ذهب الرسول إلى الطائف؟

ذهب الرسول إلى الطائف حتى يجد من ينصره هناك من قبيلة ثقيف، وقد اختار الرسول الطائف لكي يذهب إليها دوناً عن غيرها من المدن لكي تكون بداية رحلاته الدعوية لعدة أسباب منها:

● العداء التاريخي بين الطائف وقريش، بسبب المحاولات المستمرة لقريش لكي تضم الطائف إلى مكة.

● وجود علاقات اقتصادية مشتركة لكبار سادات قريش الذين يحاربون الدعوة داخل الطائف، حيث كان الكثير منهم يمتلك بساتين ومزارع وضياع في الطائف وخصوصا بني عبد شمس وبني مخزوم، وإذا نجح الرسول في دعوة أهل الطائف للدخول إلى الإسلام، فسيكون هذا نجاحاً استراتيجياً ضخماً يضغط به على كفار قريش.

● تعتبر الطائف هي البلد الأقرب إلى مكة، والتحرك بعقلانية في الدعوة يقتضي أن يبدأ الرسول فالأقرب ثم الأقرب.


البستان الذي جلس فيه الرسول في الطائف:

عندما جلس الرسول في البستان في الطائف، أتى إليه غلام نصراني اسمه "عداس" لكي يقوم بخدمة النبي، ودار بينهما موقف عظيم يتمثل في:

● أحضر الغلام قطف عنب ووضعه بين يدي الرسول، فقام الرسول بالتسمية أولاً ثم أكل.

● فأخبره عداس بأن هذا الكلام لا يقوله أحد في هذه المدينة، فسأله النبي عن المدينة التي قدم منها الغلام.

● فأخبره بأنه نصراني من نينوى، فقال له النبي بأن هذه القرية التي أتى منها النبي يونس، فاستغرب الغلام من معرفته بيونس، فأخبره النبي أنه أخ له ونبي مثله.

● فقبّل عداس رأس النبي ويديه وقدميه، فسأله عتبة بن ربيعة عن سبب تقبيله له، فرد عليه بأنه أخبره أمراً لا يعرفه سوى نبي من الأنبياء.


إيذاء الرسول في الطائف:

بالرغم من كثرة الأهوال والشدائد التي تعرض لها الرسول خلال دعوته، إلا أن رحلته إلى الطائف كانت من أشد المواقف التي لاقاها النبي، وظل النبي يتذكر هذه الرحلة طول حياته، وذلك لعدة أسباب:

● وقعت الحادثة بعد شدائد متتالية، فقد ظل في الحصار لمدة 3 سنوات، ولم يلبث أن يتنسم هواء الكعبة إلا ومات أقرب اثنين إليه، ثم تطاول المشركون عليه، فذهب إلى الطائف لكي يبحث عن نصر معنوي يُعيد به الثقة لأتباعه الذين صبروا على الفتن، ولكن نتيجة الرحلة زادت من همومه.

● مدى حقارة ولؤم الرد الذي سمعه من سادات ثقيف، فكان الرد ينم عن العناد والتكبر والسخرية والاستهزاء في آن واحد، فحتى المشركون في قريش لم يردوا عليه بمثل هذا الرد الخبيث.

● أنزل الله سبحانه وتعالى لنبيه ملكين من أقوى وأشد الملائكة وهما "جبريل وملك الجبال" وهذا يدل على مدى الألم والحزن النفسي الذي تعرض له الرسول، فقد أنزل الله الملائكة في مواطن مختلفة لنصرة النبي ولكن لدفع عدوان أشخاص معينين وفي ظروف معينة، أما في حادثة الطائف فكان نزول الملائكة للاستئصال والإبادة للذين كذبوا الرسول واهانوه.

● كتم الرسول ما حدث معه من سب ورمي بالحجارة عن كفار قريش، حتى لا يشمتوا به ويشتدوا في اضطهاده، وما زاد من همه أن الضرب قد ألجأه إلى أحد بساتين كبار مشركي قريش، وأنهم كانوا شاهدين على ما حدث معه من ضرب وسب وتكذيب.


قصة الطائف وجبريل:

بعدما ترك الرسول الطائف وقرر العودة إلى مكة مرة أخرى، انطلق وهو مهموم على وجهه، حتى أُغمى عليه، وعندما أفاق وجد سحابة تُظله، ثم ظهر جبريل ودار بينهما حوار قصير، وهو كالتالي:

● نادى جبريل الرسول وهو في قرن الثعالب وأخبره بأن الله قد سمع رد أهل الطائف عليه، وعرف بما فعلوه معه، فأرسل إليه ملك الجبال لكي يأمره النبي بما يُريد.

● فنادى ملك الجبال النبي وسلّم عليه، وطلب منه أن يأمره بما شاء، فإن شاء يُمكنه أن يُطبق على أهل الطائف الأخشبين (جبلين حول الطائف).

● فرد عليه النبي بأنه لا يُريد هذا، بل يريد من الله أن يُخرج من أصلابهم أحداً يعبد الله وحده ولا يُشرك به شيئاً.


رحلة الطائف دروس وعبر

رحلة الرسول إلى الطائف مليئة بالعبر والعظات المتمثلة في:

1. توجه الرسول إلى الطائف بعد إعراض أهل مكة عن دعوته، يدل على استمراره في الدعوة وحرصه على هداية الناس، بدون أن ييأس من الاستجابة.

2. الدنيا مليئة بالأحزان والهموم، والداعية الصادق هو يتزود باليقين والصبر لكي يُواصل دعوته، ولا يستسلم للبكاء على ما أصابه.

3. الدعوة ليس لها زمان ولا مكان ولا وطن، وإنما هي دعوة عالمية لجميع البشر.

4. يجب اتخاذ الحذر والحيطة والتدبير والتخطيط الجيد قبل الإقدام على أمر من الأمور، حيث خرج الرسول من مكة في النهار وليس في الليل حتى لا يشك فيه أحد.

5. مدى صبر الرسول على الإيذاء البدني والألم النفسي.

6. الالتجاء إلى الله وقت الصعاب والشدائد هو الحل الوحيد لاستمداد القوة منه، وذلك عندما دعا الرسول ربه يشكو إليه ضعف قوته وقلة حيلته.


كم المسافة بين الطائف ومكة؟

المسافة بين المدينتين حوالي 60 كيلو متر.


ما هي أسباب توجه الرسول إلى الطائف؟

بخصوص قصة الرسول مع أهل الطائف، فقد هاجر الرسول من مكة للطائف لدعوة أهلها إلى الإسلام وتبلغيهم رسالة الله بالتوحيد في السنة العاشرة من البعثة مع زيد ابن ثابت، لكنهم أذوه، فرفض أن يدعي عليهم.


كم بقي الرسول الكريم في الطائف؟

ظل الرسول في الطائف لمدة 10 أيام.


لماذا لم يدعو النبي على أهل الطائف؟

كان من عادات النبي الدعاء بالخير والهداية للناس، وتغليب العفو والمسامحة، ولم يدعو على مسلم قط في حياته سوى بأشياء بسيطة وفي مقامات خاصة.
تعليقات
ليست هناك تعليقات




    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -