قصة الصحابي خبيب بن عدي

قصة الصحابي خبيب بن عدي

قصة الصحابي خبيب بن عدي
يشهد التاريخ الإسلامي بتفاني وإخلاص صحابة الرسول، وتأديتهم للأمانة وتبليغهم للرسالة، والحديث عن الصحابة لا ينتهي لتعدد مواقفهم وفضائلهم وأدوارهم العظيمة، ومن هؤلاء الصحابة الصحابي "خبيب بن عدي" الذي نجد في سيرته أجمل صور التضحية والصبر والجهاد. وبخصوص قصة الصحابي خبيب بن عدي فقد كان أنصاري من قبيلة الأوس وكان مقاتلا بارعا حيث قتل بغزوة أحد وصلبه المشركون، حيث لم يتغير جسده بعد 40 يوم وفيه مسك.


قصة الصحابي خبيب بن عدي:

يقص لنا التاريخ قصص الصحابة الكرام، لكي نتعرف على مواقفهم المتنوعة المتمثلة في الثبات على الدين والتضحية بالنفس في سبيل نصرته، وحتى نزداد حباً وتقديراً لهم، وعلى رأس هؤلاء الصحابة "خبيب بن عدي" الذي يُضرب به المثل في التضحية والوفاء وعدم الغدر، وقد جاءت قصته كالتالي:

1. التعريف به:

● اسمه "خبيب بن عدي" وهو ينتمي إلى قبيلة الأوس، وكان من الأنصار الذين أسلموا عندما ذهب الرسول إلى المدينة.

● كان ملازماً للنبي ويحبه بشدة، وكان مقاتلاً بارعاً وقوياً وشجاعاً، هذا إلى جانب قوة إيمانه وتمسكه بدينه وجمعه بين الجهاد والعلم.

● شارك مع الرسول غزوة بدر وغزوة أحد، وقد قتل الكثير من المشركين خلال غزوة بدر، وكان من بينهم "الحارث بن نوفل".

2. قصة الأسر:

● أرسل النبي سرية من الصحابة بعد غزوة أحد، لكي يستطلعوا أخبار قريش ويعرفوا نواياهم، وعلى رأسها "عاصم بن ثابت" وعُرفت بعد ذلك باسم "غزوة الرجيع" نسبة إلى ماء الرجيع الذي حدثت بالقرب منه.

● وقد علم بنو لحيان بأمرهم وهم قوم مشركون من بني هذيل، فأرسلوا مائة رامٍ ليقتصوا آثارهم، حتى عثروا على مكان كانوا قد أكلوا فيه تمر جلبوه معهم من المدينة، فقالوا بأن هذا التمر من يثرب لأن حباته صغيرة ولا يوجد هذا النوع إلا في المدينة فاتبعوهم.

● عندما رآهم "عاصم بن ثابت" لجأ هو وأصحابه إلى فدفد "مكان مرتفع عن سطح الأرض" أحاطوا بهم وطلبوا منهم أن ينزلوا ولهم الميثاق والعهد ألا يقتلوا أحداً منهم.

● فرد عليهم عاصم بأنه لا ينزل أبداً في ذمة كافر، وطلب من ربه أن يُخبر نبيه عنهم، فرموه بالسهام هو وسبعة من الصحابة وقتلوهم، أما "خبيب بن عدي" فقد نزل على عهدهم هو و "زيد بن الدثنة" ومعهم رجل آخر.

● فلما تمكن المشركون منهم فكوا أوتار أقواسهم وأوثقوهم بها، فكان هذا أول الغدر منهم، فرفض الرجل الثالث أن يذهب معهم فقاموا بقتله، ثم انطلقوا مع زيد وخبيب وباعوها في مكة.

● وقد اشتراه بنو الحارث لكي ينتقموا منه، لأنه قتل والدهم الحارث بن نوفل في غزوة بدر، فأخذوه أسيرا عندهم.

3. قصة استشهاده:

● عندما عزم بنو الحارث على قتل خبيب، قرروا أن يخرجوا به من الحرم إلى التنعيم لكي يصلبوه، فكانوا يعتقدون بأنه لا يجوز قتل أحد خلال الأشهر الحُرم داخل منطقة الحرم.

● فطلب منهم أن يُصلي قبل قتله فوافقوا، وأخبرهم بأنه صلى ركعتين فقط حتى لا يظنوا بأنه يخشى الموت ولذلك يزيد في صلاته، ولما رفعوه على الخشب دعا عليهم بأن يُحصهم الله عدداً، وأن يقتلهم وهم متفرقون وألا يُبقي منهم أحداً.

● وسأله أحد زعماء المشركين بأنه إذا أراد يمكنه أن يتركوه ليعيش بين أهله، على أن يكون رسوله محمد في مكانه بدلاً منه، فرد عليه خبيب بأنه لا يحب أن يمتلك عافية الدنيا ونعيمها ويكون وسط أهله وولده، على أن يُصاب النبي بشوكة صغيرة.

● فتعجب كثيراً من قوله، وقال بأنه لم يرى أحد يحب غيره مثل حب أصحاب محمد له، وقبل أن يستكمل خبيب كلامه، قام "عقبة بن الحارث" بضربه بسيفه فقتله، وبذلك مات هذا الصحابي الجليل.

4. معرفة النبي باستشهاد خبيب:

● عندما صُلب خبيب، استجاب الله لدعوة عاصم، حيث شعر الرسول الكريم بأن هناك واحد من أصحابه قد أصابه مكروه، حتى أخبره الله سبحانه وتعالى الرسول بما حدث معه، حيث رأى جثمانه مُعلقاً.

● أمر الرسول كلاًّ من "الزبير بن العوام" و "المقداد بن عمرو" بالبحث فوراً عن جثمان خبيب، وعندما مضى 40 يوم من البحث المستمر، وجدوا جثمانه رطباً مصلوباً على الخشبة، بدون أن يتغير أي شيء فيه، كما كانت تنبعث رائحة المسك منه.

● وقام الزبير بحمله على فرسه، ولكن المشركون قد أحسوا بهم، وخرجوا خلفهم، فلما أدركوهم قذف الزبير جثمان خبيب على الأرض، ثم ابتلعته الأرض فأُطلق عليه فيما بعد اسم "بليع الأرض".


خبيب بن عدي سير أعلام النبلاء:

سجّل كتاب سير أعلام النبلاء المواقف البطولية للصحابة بأحرف من نور، ويتجلى ذلك في موقف الصحابي "خبيب بن عدي" عندما كان أسيراً، وهذا الموقف هو:

● عندما كان خبيب بن عدي أسيراً لدى المشركين، وقرروا أن يقتلوه، طلب من إحدى بنت الحارس أن تعطيه موس لكي يستحد به (يحلق شعر العانة)، فأعطته ما طلب.

● وكان لها صبي قد غفلت عنه، فحبا الصبي حتى وصل إليه، ثم وجدته يجلس على فخذ خبيب، ففزعت المرأة من أن يقتله لكي ينتقم منهم.

● طمأنها بأنه لن يفعل ذلك، لأن المؤمن يعكس بتصرفه الطيب وخُلقه الحسن الصورة المشرقة للدين الإسلامي.

● فقد كان خبيب قادراً على قتل الصبي، ولكنه يستحيل أن يفعل هذا، لأنه نشأ على يد الرسول وتعلم منه عدم الغدر والوفاء، وعدم مقابلة الغدر الذي حدث معه من المشركين بغدر مثله.

● ولذلك قالت هذه المرأة بأنها لم تر أسيراً أفضل من خبيب بن عدي.


كرامة خبيب بن عدي:

كرامات الأولياء هي خوارق للعادات، يمنحها الله لبعض أوليائه وذلك لأسباب لا يعلمها سواه، وتتضمن عقيدة الجماعة وأهل السنة في تصديق هذه الكرامات، ومن أمثلتها ما حدث مع "خبيب بن عدي" فقد جاءت كرامته كالتالي:

● دخلت المرأة المشركة على "خبيب بن عدي" في أسره، وكان مُقيداً بالحديد، فوجدته يأكل من عنقود من العنب.

● والعجيب هنا أن مكة لم يكن فيها عنب، وأنه كان أسيراً ولم يجلبه أحد له، فقد كان هذا رزقاً له من ربه.
قصيدة خبيب بن عدي:

قال "خبيب بن عدي" قصيدة قبل موته مباشرة، وهو يُصور في أبياتها معاني وأجواء عديدة كالتالي:

● يُصور الصحابي غربته وسط قوم مشركون، تجمعوا حوله وجمعوا قومهم من كل مكان وأظهروا عداوتهم ورغبتهم في إراقة دمائهم.

● وقد خيّروه بين الكفر والموت، فاختار الموت، فهو يشكو كربته إلى ربه الذي منحه الصبر والسلوان.

● لا يخاف هذا الصحابي من الموت، لأن الموت حق، فهو لا يبالي بالطريقة التي سيموت عليها ما دامت في سبيل الله، ولن يُظهر لأعدائه أي جذع أو تردد أو تراجع، لأن نفس المؤمن الصادق عزيزة، فهو صاحب دعوة سامية.


ما هو اللقب الذي أُطلق على "خبيب بن عدي؟

أُطلق عليه لقب "دفين الملائكة" لأن الملائكة هي من قامت بدفنه.


متى قُتل "خبيب بن عدي"؟

في العام الرابع بعد الهجرة.


ما هو تأثير قصة مقتل "خبيب بن عدي"؟

استنكر "سعيد بن عامر" ما فعله المشركون معه، وتأثر بأخلاقه السمحة الطيبة، وهذا ما جعل في نفسه رغبة قوية لدخول الإسلام.
تعليقات
ليست هناك تعليقات




    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -